محليات
يا حبيبي.. إيــش ناطــر؟
أشرف المرزوق
شهور قليلة تفصلنا عن استحقاق انتخابي جديد، يُؤذن بتدشين فصل تشريعي سادس من عمر برلماننا البحريني.
قلّة قليلة من الطامحين للمقعد البرلماني بدأت بالفعل بالتجهيز والاستعداد، لكن الغالبية العظمى من المرشحين المحتملين وكالعادة، سيتساقطون علينا بمظلات (الباراشوت) فجأة بمجرد فتح باب الترشح، وليعلنوا على الجماهير ـ التي غالبًا ما تجهل أسماءهم ولا تعرف عنهم شيئًا ـ نيتهم خوض سباق الانتخابات.
يستظرف بعض المترشحين (الهواة) ويتباهون في المجالس ولوسائل الإعلام، بأنهم قرّروا الترشح في اليوم وربما الساعة الأخيرة لإغلاق باب التسجيل، ويعرضون الأمر وكأنه شطارة أو بطولة، ولا يدري صاحبنا أنه بذلك إنما يستعرض سذاجته في الإعداد والتخطيط. فكيف بالله عليك ستقنع أبناء دائرتك بجدارتك وأهليّتك للتخطيط للوطن؟! وأنت فاشل في التخطيط لنفسك.
الطامحون الجادون لحجز مقاعدهم في قاعة البرلمان، يفهمون جيدًا مرامي المثل الخليجي العريق (من سبق لبق)، ويدركون أن من يبدأ مبكرًا في التخطيط الدقيق والعمل الميداني ودراسة معطيات وظروف دائرته الانتخابية، وحساب ميزانيته وانتقاء وتجميع وبناء فريق حملته، سيكون بالتأكيد من الأوفر حظاً للمنافسة والوصول، أو على أقل تقدير ترك بصمته الإيجابية المشرّفة في الميدان.
من يدقّق في التصاعد الرقمي للمترشحين للانتخابات البرلمانية في مملكة البحرين، سيكتشف وبشكل عام التزايد المضطرد في أعداد المتنافسين فصلاً بعد فصل، 2002 (191)، 2006 (207)، 2010 (149)، 2014 (266)، 2018 (293).
وعليه فمن المتوقع أن يكسر عدد المترشحين لبرلمان 2022 حاجز الــ300 مرشح، ما يؤكد الحاجة الملحة لسرعة أخذ قرار الترشح من الآن والانطلاق فورًا للعمل. فالوقت يجري واللبيب بالإشارة و(بالأرقام) يفهم.
تتعدد أهداف المرشحين (الحقيقية) من دخولهم معترك العمل السياسي والبرلماني، منهم المؤمنون بالفكرة وبالديمقراطية ويحملون بصدق هموم الوطن والمواطن، والمشاركة في العملية التشريعية ضمن المشروع الإصلاحي لجلالة ملك البلاد حفظه الله، ومنهم المدفوعون بحسابات سياسية أو أيدلوجية أو أجندات خاصة، ومنهم قنّاصوا الفرص ممن أعْيُنهم على الامتيازات (المغرية) التي يحظى بها النائب، ومنهم الخليط بين هذا وذاك، لكنهم كلهم وإن اختلفت غاياتهم ودوافعهم فإنهم يشتركون حتمًا بأهمية التخطيط الاحترافي والإعداد المتقن لأدوات و(أسلحة) خوض ساحة المعركة الشرسة. ولا عزاء للنائمين الغارقين في العسل انتظارًا لإعلان فتح باب التسجيل للترشح، فلهم وفي آذانهم يجدر الهمس (يا حبيبي.. إيـش ناطر)؟!
العملية الانتخابية جزء أصيل من تطور ونضج التجربة السياسية في أي بلد، وقوة واحترافية الحملات الانتخابية وجدّية المترشحين تعكس بلا أدنى شك قدراتهم وكفاءتهم للوصول، وبالتالي ستفرز للمجلس المرتقب أعضاءً فاعلين وبرلمانًا قويًا قادرًا على الإنجاز.
(الإنجاز) كلمة الأمل والطموح وربما (الحلم) الذي يتلمّسه ويتوقُ إليه الشعب البحريني من ممثليه مجلسًا بعد مجلس.
المصدر صحيفة الأيام